فصل: الشاهد السابع والثلاثون بعد الأربعمائة :

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء الإفرنج على مدينة صور.

كانت مدينة صور لخلفاء العلوية بمصر وكان بها عز الملك من قبل الأفضل ابن أمير الجيوش المستبد على الأمر بمصر وتجهز الإفرنج لحصارها سنة ست فاستمدوا طغركين صاحب دمشق فأمدهم بعسكر ومال مع وال من قبله اسمه مسعود فجاء إليها ولم يغير دعوة العلوية بها في خطبة ولا سكة وكتب إلى الأفضل بذلك وسأله تردد الأسطول إليه بالمدد فأجابه وشكره ثم قتل الأفضل وجاء الأسطول إليها من مصر على عادته وقد أمر مقدمه أن يعمل الحيلة في القبض على مسعود الوالي بصور من قبل طغركين لشكوى أهل مصر منه فقبض عليه مقدم الأسطول وحمله إلى مصر وبعثوا به إلى دمشق وأقام الوالي من قبل أهل مصر في مدينة صور وكتب إلى طغركين بالعذر عن القبض على مسعود واليه وكان ذلك سنة ستة عشر ولما بلغ الإفرنج إنصراف مسعود عن صور قوى طمعهم فيها وتجهزوا لحصارها وبعث الوالي الأمير بذلك وبعجزه عن مقاومة حصارهم لها وسار طغركين إلى بانياس ليكون قريبا من صريخها وبعث إلى أهل مصر يستنجدهم فراسل الإفرنج في تسليم البلد وخروج من فيها فدخلها الإفرنج آخر جمادي الأولى من السنة بعد أن حمل أهلها ما أطاقوا وتركوا ما عجزوا عنه والله سبحانه وتعالى أعلم.

.فتح البرسقي كفر طاب وإنهزامه من الإفرنج.

ثم جمع البرسقي عساكره وسار سنة تسعة عشر إلى كفر طاب وحاصرها فملكها من الإفرنج ثم سار إلى قلعة أعزاز شمالي حلب وبها جوسكين فحاصرها واجتمع الإفرنج وساروا لمدافعته فلقيهم وقاتلهم شديدا فحص الله المسلمين وانهزموا وفتك النصارى فيهم ولحق البرسقي بحلب بها ابنه مسعودا وعبر الفرات إلى الموصل ليستمد العساكر ويعود لغزوهم فقضى الله بمقتله وولى ابنه عز الدين بعده قليلا ثم مات سنة إحدى وعشرين وولى السلطان محمود عماد الدين زنكي بن اقسنقر مكانه على الموصل والجزيرة وديار بكر كما مر في أخبار دولة السلجوقية ثم استولى منها على الشام وأورث ملكها بنيه فكانت لهم دولة عظيمة بهذه الأعمال نذكرها أن شاء الله تعالى ونشأت عن دولتهم بني أيوب وتفرعت منها كما نذكره ونحن الآن نترك من أخبار الإفرنج هنا جميع ما يتعلق بدولة بني زنكي وبني أيوب حتى نوردها في أخبار تينك الدولتين لئلا تتكرر الأخبار ونذكر في هذا الموضع من أخبار الإفرنج ما ليس له تعلق بالدولتين فإذا طالعه المتأمل علم كيف يرد كل خبر إلى مكانه بجودة قريحته وحسن تأنيه.

.الحرب بين طغركين والإفرنج.

ثم إجتمعت الإفرنج سنة عشرين وخمسمائة وساروا إلى دمشق ونزلوا مرج الصفر واستنجد طغركين صاحبها أمراء التركمان من ديار بكر وغيرها فجاؤا إليه وكان هو قد سار إلى جهة الإفرنج آخر سنة عشرين وقاتلهم وسقط في المعترك فظن أصحابه أنه قتل فانهزموا وركب فرسه وسار معهم منهزما والإفرنج في إتباعهم وقد أثخنوا في رجاله التركمان فلما أتبعوا المنهزمين خالف الرجالة إلى معسكرهم فنهبوا سوادهم وقتلوا من وجدوا فيه ولحقوا بدمشق ورجع الإفرنج عن المنهزمين فوجدوا خيامهم منهوبة فساروا منهزمين ثم كان سنة ثلاث وعشرين واقعة المزدغاني والإسماعيلية بدمشق بعد أن طمع الإفرنج في ملكها فأسف ملوك الإفرنج على قتله وسار صاحب القدس وصاحب إنطاكية وصاحب طرابلس وغيرهم من القمامصة ومن وصل في البحر للتجارة أو الزيارة وساروا إلى دمشق في ألفي فارس ومن الرجال ما لا يحصى وجمع طغركين من العرب والتركمان ثمانية آلاف فارس وجاء الإفرنج آخر السنة ونازلوا دمشق وبثوا سراياهم للإغارة بالنواحي وجمع الميرة وسمع تاج الملك بسرية في حوران فبعث شمس الخواص من أمرائه ولقوا سرية الإفرنج وظفروا بهم وغنموا ما معهم وجاؤا إلى دمشق وبلغ الخبر إلى الإفرنج فأجفلوا عن دمشق بعد أن أحرقوا ما تعذر عليهم حمله وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ثم إن إسمند صاحب إنطاكية سار إلى حصن القدموس وملكه والله تعالى يؤيد من يشاء.

.هزيمة صاحب طرابلس.

ثم اجتمع سنة سبع وعشرين جمع كبير من تركمان الجزيرة وأغاروا على بلاد طرابلس وقتلوا وغنموا فخرج إليهم القمص صاحبها فاستطردوا له ثم كروا عليه فهزموه ونالوا منه ونجا إلى قلعة بقوين فتحصن بها وحاصره التركمان فيها فخرج من القلعة ليلا في عشرين من أعيان أصحابه ونجا إلى طرابلس واستصرخ الإفرنج من كل ناحية وسار بهم إلى بقوين لمدافعة التركمان فقاتلهم حتى أشرف الإفرنج على الهزيمة ثم تحيزوا إلى أرمينية وتعذر على التركمان أتباعهم فرجعوا عنهم إنتهى.